| بسم الله الرحمن
الرحيم
قصة مجاهد
شهيد
لطالما نظر
الناس بنظرات الإعجاب والتقدير للمشاهير أو الأغنياء أو الرؤساء وكل من يقال أنهم
من الطبقات المرموقة, لكننا هنا نعرف الإعجاب ونظرة الغبطة لأبطال فلسطين الذين
انتموا لإسلامهم العظيم حق الانتماء وعرفوا معنى حب الأوطان والذود عنها,فبذلوا
أرواحهم رخيصة في سبيل الله, ولأن نماذج الأبطال الذين تنتجهم حركة المقاومة
الإسلامية (حماس) لا يركبون موج الصدفة ولا يتسلقون حبال العشوائية أو يركبون أحضان
المستجدات، بل هم دائماً على موعد دقيق مع أقدارهم وعلى أهبة الاستعداد لأداء دورهم
في حيز الوجود والفعل ثم الرحيل بشموخ مع إشراقة شمس العزة والإباء.
نشأته
نشأ شهيدنا –رحمه الله- في أحضان أسرته الصالحة، حيث رباه والده فيها على أخلاق
الإسلام الحنيف، وزرع فيه أخلاق القرآن الكريم، أما أمه فقد أرضعته لبن حب الأرض
والتمسك بها، وأسقته حليب عشق الشهادة في سبيل الله، فكبر قويا شامخا، لا يخشي في
الله لومة لائم يبحث عن الشهادة في كل الميادين، ويقاتل أعداء الله اليهود الغاصبين.
المؤدب الخلوق
وفي الحي الذي نشأ فيه ، اشتهر شهيدنا –رحمه الله- بأدبه وحبه لجيرانه وأهل حيه،
يلزم السكون والهدوء، ويشاركهم في كل مناسباتهم لكن بنفس رزينة، وكان أيضا صاحب
لسان يدعو به الناس، فينهي عن المنكر، ويحث على الخير والمعروف وطاعة الله , ومع
والديه ، كان هادئا ومخلصا في معاملته لهم، يرعاهم ويعطف عليهم، يحبهم حبا شديدا
ولا يبخل عليهم بأي شيء، بارا بهم أشد البر، حسن المعاملة معهم، فيساعد والده في
عمله ويعين أمه في بعض مشاغل البيت ويخفف عنها، قصده ورجاؤه في كل هذا الفوز برضا
الله -عز وجل-، منفذا بهذا أمر الله حين قال: "وبالوالدين إحسانا"، وقال تعالى :"
ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما"، فكان لين الجانب حلو الكلام،
شديد الحب والعطف، حسن التعامل سريع الإجابة.
ربطت الشهيد –رحمه الله- علاقة قوية بأخيه، حيث كانا يجلسان معا يتشاوران في
أمورهما الخاصة، لا يخفي احدهم عن الآخر شيئا، يخافون على بعضهم ويتفقدون أحوال
بعضهم البعض، وكذلك كانت علاقته بأخواته حيث أنه كان شديد الحب لهم، يزورهم في
منازلهم ويصل رحمه، ويتواصل معهم في شتى المناسبات.
انضمامه إلى صفوف حماس
التحق شهيدنا المجاهد –رحمه الله- في صفوف
حركة المقاومة الإسلامية -حماس- ، بعد أن بحث كثيرا عن حركة تسير وفق منهج وشرع
الله عز وجل، ليعطيها ثقته وبيعته وولائه، وبدأ يتلقى على يد دعاتها ومشايخها
الدروس والدورات الدعوية .
شارك الشهيد –رحمه الله- إخوانه بدعوة الناس إلى الخير وطاعة الله عز وجل، يعمل
برفقة إخوانه في النشاطات الدعوية، ويربي جيلا ويجهز شبابا يحملون القرآن في صدورهم
ويهتدون به ليقاتلوا أعداء الله، ولقد قطف-رحمه الله- ثمار زرعه، فقد استشهد شهيدان
قساميان في معركة أيام الغضب، واللذان تربيا على يد شهيدنا .
شارك شهيدنا –رحمه الله- في جميع نشاطات الحركة من مسيرات ومهرجانات ولقاءات
وندوات، بارا بهذا عهده وبيعته، وضاربا أروع الأمثلة في الولاء لحركته.
مجاهد قسامي
في حقيقة الأمر قصة جهاد الشهيد تبدأ قبل انضمامه إلى صفوف القسام بكثير، وتعود
جذور فصولها إلى الانتفاضة الأولى في عام 1987م، حيث كان –رحمه الله- أحد المجاهدين
–برغم أن عمره لم يتجاوز 10 أعوام- الذين كانوا يواجهون العدو الصهيوني بحجارتهم،
ويقفون أمام بنادقه بصدورهم العارية، يدبون الرعب في قلوب جنوده.
التحق شهيدنا –رحمه الله- في صفوف مجاهدي كتائب القسام في بدايات عام 2001 في
بدايات انتفاضة الأقصى المبارك، ليكون بهذا أحد أبطال القسام القلائل الذين كانوا
في ذلك الوقت ، وذلك بعد أن قام بالاتصال بقيادة القسام وطلب منهم أن يصبح مجاهدا
في سبيل الله، فقوبل طلبه بالرفض لأن سلطة أوسلو كانت في ذلك الوقت تعتقل المجاهدين
وتزج بهم في غياهب السجون، لكن شهيدنا أصر إصرارا شديدا ولم يعبأ أو يخاف، ويسر
الله له سبيل الانضمام إلى صفوف المجاهدين.
انطلق –رحمه الله- مع إخوانه المجاهدين القلائل في ذلك الوقت يقاتلون أعداء الله
اليهود الغاصبين في كل مكان، يخوضون مع العدو بعددهم وعتادهم القليل المعارك
والمواجهات بكل ثقة واطمئنان، فهم يعلمون أن الله معهم وأن الغلبة لهم، وكان شعارهم
في هذا قول الله عز وجل: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"...
تدرج –رحمه الله- في عمله الجهادي، فبعد أن كان أحد الجنود المجاهدين، أصبح أميرا
لإحدى المجموعات القسامية، ثم أصبح أحد القادة القساميين في شمال غزة، بعد أن أثبت
تفوقه وحنكته العسكرية، وانضم للعمل في وحدة التصنيع في كتائب القسام والتي كان أحد
أعضائها وأبرز قادتها.
وخلال فترة جهاده التي قضاها شهيدنا ضمن صفوف القسام، شارك –رحمه الله- في العديد
من المهام الجهادية • شارك في عمليات قصف ودك المغتصبات والمواقع العسكرية
الصهيونية بالعديد من قذائف الهاون وصواريخ القسام والتي كان أحد صانعيها.
شارك في جميع مراحل تطوير صواريخ القسام، وكذلك في تصنيعه وتركيبه وتجهيزه، وذلك
ضمن عمله في وحدة التصنيع القسامية
وفي رباطه وبين إخوانه المجاهدين، –كما يروي إخوانه المجاهدون- هادئ الطباع وحنونا
جدا على أفراد مجموعته القسامية، يعاملهم ويخاف عليهم كأنهم أبناؤه، يشارك إخوانه
في أعمال الخير الدعوية والعسكرية والاجتماعية، مما ترك في أنفسهم الأثر البالغ
الكبير بهذا القائد العظيم، فبكوه كثيرا بعد استشهاده –رحمه الله-.
وفاته
توجه شهيدنا ذات يوم إلى عمله في وحدة التصنيع القسامية، يفكر في إخوانه الذين
سبقوه في نيل الشهادة، والذين تأثر كثيرا بفقدهم ،واشتاقت نفسه للقاهم واللحاق بهم،
وكانت نيته صادقة في طلبه، فقد أصيب بمادة حارقة أثناء عملية التصنيع، مما أدي إلى
حرق 50% من نصفه العلوي، ونقل على الفور إلى مستشفى لتلقي العلاج، حيث مكث في قسم
العناية المركزة مدة 20 يوما، بعدها فاضت روحه إلى بارئها، ورحل عن هذه الدنيا
الفانية، ليلحق بركب إخوانه الشهداء الذين كان مشتاقا للقاهم والجلوس معهم، وطارت
روحه الوثابة إلى جنان الخلد بإذن الله..
نحسبه شهيدا ولا نزكي على الله أحدا..
...رحم الله شهيدنا وأسكنه فسيح جناته...
...وإنا على دربه الذي قضى فيه شهيدا، درب الجهاد والمقاومة لسائرون بإذن الله
(مع تحيات ابن اخت الشهيد )
تعليقات
على القصة
إن الإنسان عندما يرى
أمثال هؤلاء وغيره من أهل الخير ليستصغر نفسه ويدفعه ذلك لعمل المزيد إبتغاء رضوان
الله
ما شدني للقصة هو يوم إستشهادة
فقد مات بسبب الجهاد ومات بسبب تأثير الحروق عليه , لذا نرجو له أنه قد نال الشهادة
مرتين شهادة الجهاد وشهادة الحريق ,
قال صلى الله عليه وسلم مبينا أنواع الشهداء: ما تقولون في
الشهيد فيكم ؟ قالوا القتل في سبيل الله قال إن شهداء أمتي إذن لقليل من قتل في
سبيل الله فهو شهيد و من مات في سبيل الله فهو شهيد و المبطون شهيد و المطعون شهيد
و الغرق شهيد *.*) وفي الحديث الآخر قال: الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله
المقتول في سبيل الله شهيد و المطعون شهيد و الغريق شهيد و صاحب ذات الجنب شهيد و
المبطون شهيد و صاحب الحريق شهيد و الذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع
شهيدة
الأمر الآخر الذي شدني في الموضوع هو الألم الذي قد يكون عاناه شهيدنا لمدة عشرين
يوما وهو في العناية المركزة , وكلنا يعلم ألم نار الدنيا , وهو إن شاء الله له أجر
وكفارة ولكن الأمرينبئونا أن الموضوع جد خطيرعند الله
, يقول الله عزوجل : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
|
ولقد عان رسول الله صلى الله عليه وسلم فداه نفسي
وروحي وأعز ما أملك عان معاناة شديدة عند الموت وكذلك عان عمر ابن الخطاب
نتيجة طعنه وكذلك عثمان وعلي رضي الله عنهما
وفي الحديث القدسي (وعزتي وجلالي، لا أقبض المؤمن وأنا أحب أن أرحمه ؛ إلا
ابتليته بكل سيئة كان عملها ؛ سقماً في جسده، أو إقتاراً قي رزقه ، أو
مصيبة في ماله أوولده، حتى أبلغ منه مثل الذر، فإذا بقي عليه شيء ؛ شددت
عليه سكرات الموت ؛ حتى يلقاني كيوم ولدته أمه)
اللهم سلم سلم
والأمر الآخر الهام الذي أريد أن انوه إليه هو ضرورة أن نكثر من سؤال الله
عزوجل العفو والعافية في الدنيا والآخرة , وإن أردنا الرحمة من الله والعفو
فلنرحم خلقه ونحسن إليهم ولنعفوا عن من ظلمنا بجانب تحقيق التوحيد وترك
الشرك وكبائر الذنوب وجهاد خدمة الدين , يقول
الله عزوجل ( وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ
يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ
يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور 22
تعليق :- مروان بن عبد
الفتاح رجب
|
|